QUESTION
A few cases of coronavirus have been confirmed in Makkah and Medina. Does this not go against the hadith wherein the Prophet said, Neither Dajjal nor the Taa’oon can enter Madinah?
ANSWER
In the Name of Allah, the Most Gracious, the Most Merciful.
As-salāmu ‘alaykum wa-rahmatullāhi wa-barakātuh.
You refer to the following Hadith,
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال
Translation:“Rasulullah (Sallallahu Alaihi Wasallam) said, at every entry point into Madinah are angels, neither theطاعونnor the Dajjaal will be able to enter it.”
The above Hadith is narrated by both Imam Bukhari(Rahimahullah) and Imam Muslim[1](Rahimahullah) among others and is therefore an authentic narration.
The word used in the Hadith isطاعون(Taa’oon). Rasulullah (Sallallahu Alaihi Wasllam) saidطاعون(Taa’oon) will not enter Madinah.
Isطاعون(Taa’oon) andوباء(Wabaa) same or different?[2]
It appears that the word Taa’oon specifically refers to the famous pestilent disease known asthe plague or the bubonic plague.This disease had a specific set of symptoms and was fatal with very high mortality rates.
Scholars of the past have described this disease, Taa’oon, as extremely painful sores or pustules that appear on various parts of the body, often in the armpits or behind the ear. These sores were accompanied by a high heart rate and bouts of vomiting. The pustules would differ in colour but once they turned black, death was more or less certain.
On the other hand, Wabaa has been used to describe any disease that becomes widespread i.e. apandemic. Some scholars did define the Taa’oon to be Wabaa. It is normal in the Arabic language to use different words interchangeably where both words have different meanings but they have something common between them. This seems to be the case when some scholars defined Taa’oon as Wabaa.
A better understanding provided by many scholars is that Wabaa is a general word which includes different types of sicknesses and diseases, whereas Taa’oon is specific and exclusive to one disease. Therefore, every Taa’oon is a Wabaa but not every Wabaa is a Taa’oon.
In light of the above, the Hadith refers to the bubonic plague and is therefore correct and still factual. To date, a plague has never been recorded in the history of Madinah.
The coronavirus will fall under the category of Wabaa. Accordingly, an outbreak of Coronavirus in Madinah is not contrary to the Hadith wherein Rasullullah (Sallallahu Alaihi Wassalam) stated:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال
Translation:“Rasulullah (Sallallahu Alaihi Wasallam) said, at every entry point into Madinah are angels, neither theطاعونnor the Dajjaal will be able to enter it.”
And Allah Ta’āla Knows Best
Bilal Yusuf Pandor
Student Darul Iftaa
Lusaka, Zambia
Checked and Approved by,
Mufti Ebrahim Desai
صحيح البخاري(3/ 22) [1]
1880 – حدثنا إسماعيل، قال: حدثني مالك، عن نعيم بن عبد الله المجمر، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، «على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال
صحيح مسلم(2/ 1005)
485 – (1379) حدثنا يحيى بن يحيى، قال: قرأت على مالك، عن نعيم بن عبد الله، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على أنقاب المدينة ملائكة، لا يدخلها الطاعون، ولا الدجال
شرح صحيح البخارى لابن بطال(5/ 43) [2]
فالمطعون هو الذى يموت فى الطاعون، وقد قالت عائشة: قال النبى (صلى الله عليه وسلم) -: (فناء أمتى فى الطعن والطاعون. قالت: أما الطعن فقد عرفناه؟ فما الطاعون؟ قال: غدة كغدة البعير تخرج فى المراق والآباط، من مات منه مات شهيدًا) والمبطون: هو [. . .] وقيل: صاحب انخراق البطن بالإسهال
شرح صحيح البخارى لابن بطال(8/ 326)
–باب مَا يُكْرَهُ مِنَ الاحْتِيَالِ فِى الْفِرَارِ مِنَ الطَّاعُونِ
/ 18 –فيه: عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّأْمِ، فَلَمَّا جَاءَ بِسَرْغَ بَلَغَهُ أَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالشَّأْمِ، فَأَخْبَرَهُ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صلى الله عليه وسلم) قَالَ: (إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ، فَلا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا، فَلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ، فَرَجَعَ عُمَرُ مِنْ سَرْغَ) . / 19 – وفيه: أُسَامَةَ أَنَّ النَّبىَّ (صلى الله عليه وسلم) ذَكَرَ الْوَجَعَ، فَقَالَ: رِجْزٌ أَوْ عَذَابٌ عُذِّبَ بِهِ بَعْضُ الأمَمِ، ثُمَّ بَقِىَ مِنْهُ بَقِيَّةٌ، فَيَذْهَبُ الْمَرَّةَ، وَيَأْتِى الأخْرَى، فَمَنْ سَمِعَ بِهِ بِأَرْضٍ فَلا يُقْدِمَنَّ عَلَيْهِ، وَمَنْ كَانَ بِأَرْضٍ وَقَعَ بِهَا فَلا يَخْرُجْ فِرَارًا مِنْهُ) . قال المهلب وغيره: لا يجوز الفرار من الطاعون، ولا يجوز أن يتحيل بالخروج فى تجارة أو شبهها وهو ينوى بذلك الفرار من الطاعون
شرح صحيح البخارى لابن بطال(9/ 423)
عن أبى موسى الأشعرى: (أن عمر بن الخطاب كتب إلى أبى عبيدة فى الطاعون الذى وقع فى الشام إنه عرضت به حاجة لا غنى بى عنك فيها فإذا أتاك كتابى ليلا فلا تصبح حتى ترد إلى وإن أتال نهارًا فلا تمس حتى ترد إلى، فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال: عرفت حاجة أمير المؤمنين أراد أن يستبقى من ليس بباق. ثم كتب إليه أنى قد عرفت حاجتك فحللنى من عزمتك ياأمير المؤمنين؛ فإنى فى جند المسلمين ولن أرغب بنفسي عنهم. فلما عمر الكتاب بكى، فقيل له: توفى أبو عبيدة؟ قال: لا وكان قد كتب إليه عمر أن الأردن أرض غمقة وأن الجابية أرض نزهة فاظهر بالمسلمين إلى الجابية. فلما قرأ أبو عبيدة الكتاب قال: هذا نسمع فيه لأمير المؤمنين ونطيعه. فأراد ليركب بالناس فوجد وخزة فطعن وتوفى أبو عبيدة وإنكشف الطاعون)
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري(1/ 73)
وزيد بن ثابت توفي وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة في طاعون عمواس بالشام سنة ثمان عشرة وعمواس قرية بين الرملة وبيت المقدس نسب الطاعون إليها لأنه بدأ منها وهو بفتح العين المهملة
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري(12/ 125)
و (المطعون) أي الذي مات في الطاعون. الجوهري هو الموت من الوباء
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري(14/ 103)
و (الطاعون) الموت الكثير وقيل بثر وورم مؤلم جداً يخرج مع لهيب ويسود ما حوله أو يحضر ويحصل معه خفقان القلب والقئ ويخرج في المرافق والآباط غالباً
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري(21/ 14)
{باب ما يذكر في الطاعون} قوله {الطاعون} هو بثر مؤلم جدا يخرج غالبا في الآباط مع لهب وأسواد حواليه وخفقان القلب والقيء. الجوهري: هو الموت من الوباء
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري(21/ 15)
{الوباء} بالمد والقصر. قال الخليل: هو الطاعون وقال آخرون: هو المرض العام فكل طاعون وباء دون العكس، والوباء الذي وقع بالشام في زمان عمر كان طاعونا وهو طاعون عمواس بفتح المهملة، وهي قرية معروفة بالشام
الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري(24/ 86)
و (الوباء) مقصورا وممدودا المرض العام…… قوله (الوجع) أي الطاعون
فتح الباري لابن حجر(1/ 149)
قَوْله الطَّاعُون هُوَ قُرُوح تخرج فِي المغابن قَلما يلبث صَاحبهَا قَوْله المطعون شَهِيد هُوَ من مَاتَ بالطاعون
فتح الباري لابن حجر(4/ 101)
قَوْلُهُ قَالَتْ يَعْنِي عَائِشَةَ وَالْقَائِلُ عُرْوَةُ فَهُوَ مُتَّصِلٌ قَوْلُهُ وَهِيَ أَوْبَأُ بِالْهَمْزِ بِوَزْنِ أَفْعَلَ مِنَ الْوَبَاءِ وَالْوَبَاءُ مَقْصُورٌ بِهَمْزٍ وَبِغَيْرِ هَمْزٍ هُوَ الْمَرَضُ الْعَامُّ وَلَا يُعَارِضُ قُدُومَهُمْ عَلَيْهَا وَهِيَ بِهَذِهِ الصِّفَةِ نَهْيُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الْقُدُومِ عَلَى الطَّاعُونِ لِأَنَّ ذَلِكَ كَانَ قَبْلَ النَّهْيِ أَوْ أَنَّ النَّهْيَ يَخْتَصُّ بِالطَّاعُونِ وَنَحْوِهِ مِنَ الْمَوْتِ الذَّرِيعِ لَا الْمَرَضِ وَلَوْ عَمَّ
فتح الباري لابن حجر(10/ 133)
قَالَ عِيَاضٌ الْوَبَاءُ عُمُومُ الْأَمْرَاضِ وَقَدْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ عَلَى الطَّاعُونِ أَنَّهُ وَبَاءٌ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ لَكِنْ لَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ طَاعُونًا وَعَلَى ذَلِكَ يُحْمَلُ قَوْلُ الدَّاوُدِيِّ لَمَّا ذَكَرَ الطَّاعُونَ الصَّحِيحُ أَنَّهُ الْوَبَاءُ وَكَذَا جَاءَ عَنِ الْخَلِيلِ بْنِ أَحْمَدَ أَنَّ الطَّاعُونَ هُوَ الْوَبَاءُ وَقَالَ بن الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الطَّاعُونُ الْمَرَضُ الْعَامُّ وَالْوَبَاءُ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ فَتَفْسُدُ بِهِ الْأَمْزِجَةُ والأبدان وَقَالَ بن سَيْنَاءَ الْوَبَاءُ يَنْشَأُ عَنْ فَسَادِ جَوْهَرِ الْهَوَاءِ الَّذِي هُوَ مَادَّةُ الرُّوحِ وَمَدَدُهُ قُلْتُ وَيُفَارِقُ الطَّاعُونُ الْوَبَاءَ بِخُصُوصِ سَبَبِهِ الَّذِي لَيْسَ هُوَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَوْبَاءِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ كَمَا سَأَذْكُرُهُ مُبَيَّنًا فِي بَابِ مَا يُذْكَرُ مِنَ الطَّاعُونِ مِنْ كِتَابِ الطِّبِّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى
فتح الباري لابن حجر(10/ 133)
قَالَتْ عَائِشَةُ فَقَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ وَهَذَا مِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْوَبَاءَ أَعَمُّ مِنَ الطَّاعُونِ فَإِنَّ وَبَاءَ الْمَدِينَةِ مَا كَانَ إِلَّا بِالْحُمَّى كَمَا هُوَ مُبَيَّنٌ فِي حَدِيثِ الْبَابِ فَدَعَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُنْقَلَ حُمَّاهَا إِلَى الْجُحْفَةِ
فتح الباري لابن حجر(10/ 180)
(قَوْلُهُ بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ)
أَيْ مِمَّا يَصِحُّ عَلَى شَرْطِهِ وَالطَّاعُونُ بِوَزْنِ فَاعُولٍ مِنَ الطَّعْنِ عَدَلُوا بِهِ عَنْ أَصْلِهِ وَوَضَعُوهُ دَالًا عَلَى الْمَوْتِ الْعَامِّ كَالْوَبَاءِ وَيُقَالُ طُعِنَ فَهُوَ مَطْعُونٌ وَطَعِينٌ إِذَا أَصَابَهُ الطَّاعُونُ وَإِذَا أَصَابَهُ الطَّعْنُ بِالرُّمْحِ فَهُوَ مَطْعُونٌ هَذَا كَلَامُ الْجَوْهَرِيِّ وَقَالَ الْخَلِيلُ الطَّاعُونُ الْوَبَاءُ وَقَالَ صَاحِبُ النِّهَايَةِ الطَّاعُونُ الْمَرَضُ الْعَامُّ الَّذِي يَفْسُدُ لَهُ الْهَوَاءُ وَتَفْسُدُ بِهِ الْأَمْزِجَةُ وَالْأَبْدَانُ وَقَالَ أَبُو بكر بن الْعَرَبِيّ الطَّاعُون الوجع الْغَالِبُ الَّذِي يُطْفِئُ الرُّوحَ كَالذَّبْحَةِ سُمِّيَ بِذَلِكَ لِعُمُومِ مُصَابِهِ وَسُرْعَةِ قَتْلِهِ وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ الْبَاجِي هُوَ مَرَضٌ يَعُمُّ الْكَثِيرَ مِنَ النَّاسِ فِي جِهَةِ مِنَ الْجِهَاتِ بِخِلَافِ الْمُعْتَادِ مِنْ أَمْرَاضِ النَّاسِ وَيَكُونُ مَرَضُهُمْ وَاحِدًا بِخِلَافِ بَقِيَّةِ الْأَوْقَاتِ فَتَكُونُ الْأَمْرَاضُ مُخْتَلِفَةً وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ الطَّاعُونُ حَبَّةٌ تَخْرُجُ مِنَ الْأَرْقَاعِ وَفِي كُلِّ طَيٍّ مِنَ الْجَسَدِ وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ الْوَبَاءُ وَقَالَ عِيَاضٌ أَصْلُ الطَّاعُونِ الْقُرُوحُ الْخَارِجَةُ فِي الْجَسَدِ وَالْوَبَاءُ عُمُومُ الْأَمْرَاضِ فَسُمِّيَتْ طَاعُونًا لِشَبَهِهَا بِهَا فِي الْهَلَاكِ وَإِلَّا فَكُلُّ طَاعُونٍ وَبَاءٌ وَلَيْسَ كُلُّ وَبَاءٍ طَاعُونًا قَالَ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ وَبَاءَ الشَّامِ الَّذِي وَقَعَ فِي عَمَوَاسَ إِنَّمَا كَانَ طَاعُونًا وَمَا وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّ الطَّاعُون وخز الْجِنّ وَقَالَ بن عَبْدِ الْبَرِّ الطَّاعُونُ غُدَّةٌ تَخْرُجُ فِي الْمَرَاقِّ وَالْآبَاطِ وَقَدْ تَخْرُجُ فِي الْأَيْدِي وَالْأَصَابِعِ وَحَيْثُ شَاءَ اللَّهُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي الرَّوْضَةِ قِيلَ الطَّاعُونُ انْصِبَابُ الدَّمِ إِلَى عُضْوٍ وَقَالَ آخَرُونَ هُوَ هَيَجَانُ الدَّمِ وَانْتِفَاخُهُ قَالَ الْمُتَوَلِّي وَهُوَ قَرِيبٌ مِنَ الْجُذَامِ مَنْ أَصَابَهُ تَأَكَّلَتْ أَعْضَاؤُهُ وَتَسَاقَطَ لَحْمُهُ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ هُوَ انْتِفَاخُ جَمِيعِ الْبَدَنِ مِنَ الدَّمِ مَعَ الْحُمَّى أَوِ انْصِبَابُ الدَّم إِلَى بعض الْأَطْرَاف فينتفخ وَيَحْمَرُّ وَقَدْ يَذْهَبُ ذَلِكَ الْعُضْوُ وَقَالَ النَّوَوِيُّ أَيْضا فِي تهذيبه هُوَ بِئْر وَوَرَمٌ مُؤْلِمٌ جِدًّا يَخْرُجُ مَعَ لَهَبٍ وَيَسْوَدُّ مَا حَوَالَيْهِ أَوْ يَخْضَرُّ أَوْ يَحْمَرُّ حُمْرَةً شَدِيدةً بَنَفْسَجِيَّةً كَدُرَّةٍ وَيَحْصُلُ مَعَهُ خَفَقَانٌ وَقَيْءٌ وَيَخْرُجُ غَالِبًا فِي الْمَرَاقِّ وَالْآبَاطِ وَقَدْ يَخْرُجُ فِي الْأَيْدِي وَالْأَصَابِعِ وَسَائِرِ الْجَسَدِ وَقَالَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَطِبَّاءِ مِنْهُمْ أَبُو عَلِيِّ بْنُ سِينَا الطَّاعُونُ مَادَّةٌ سُمِّيَّةٌ تُحْدِثُ وَرَمًا قَتَّالًا يَحْدُثُ فِي الْمَوَاضِعِ الرَّخْوَةِ وَالْمَغَابِنِ مِنَ الْبَدَنِ وَأَغْلَبُ مَا تَكُونُ تَحْتَ الْإِبْطِ أَوْ خَلْفَ الْأُذُنِ أَوْ عِنْدَ الْأَرْنَبَةِ قَالَ وَسَبَبُهُ دَمٌ رَدِيءٌ مَائِلٌ إِلَى الْعُفُونَةِ وَالْفَسَادِ يَسْتَحِيلُ إِلَى جَوْهَرٍ سُمِّيٍّ يُفْسِدُ الْعُضْوَ وَيُغَيِّرُ مَا يَلِيهِ وَيُؤَدِّي إِلَى الْقَلْبِ كَيْفِيَّةً رَدِيئَةً فَيُحْدِثُ الْقَيْءَ وَالْغَثَيَانَ وَالْغَشْيَ وَالْخَفَقَانَ وَهُوَ لِرَدَاءَتِهِ لَا يَقْبَلُ مِنَ الْأَعْضَاءِ إِلَّا مَا كَانَ أَضْعَفَ بِالطَّبْعِ وَأَرْدَؤُهُ مَا يَقَعُ فِي الْأَعْضَاءِ الرَّئِيسِيَّةِ وَالْأَسْوَدُ مِنْهُ قَلَّ مَنْ يَسْلَمُ مِنْهُ وَأَسْلَمُهُ الْأَحْمَرُ ثُمَّ الْأَصْفَرُ وَالطَّوَاعِينُ تَكْثُرُ عِنْدَ الْوَبَاءِ فِي الْبِلَادِ الْوَبِئَةِ وَمِنْ ثَمَّ أُطْلِقَ عَلَى الطَّاعُونِ وَبَاءً وَبِالْعَكْسِ وَأَمَّا الْوَبَاءُ فَهُوَ فَسَادُ جَوْهَرِ الْهَوَاءِ الَّذِي هُوَ مَادَّةُ الرُّوحِ وَمَدَدُهُ قُلْتُ فَهَذَا مَا بَلَغَنَا مِنْ كَلَامِ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلِ الْفِقْهِ وَالْأَطِبَّاءِ فِي تَعْرِيفِهِ وَالْحَاصِلُ أَنَّ حَقِيقَتَهُ ورم ينشأ عَنْ هَيَجَانِ الدَّمِ أَوِ انْصِبَابِ الدَّمِ إِلَى عُضْوٍ فَيُفْسِدُهُ وَأَنَّ غَيْرَ ذَلِكَ مِنَ الْأَمْرَاضِ الْعَامَّةِ النَّاشِئَةِ عَنْ فَسَادِ الْهَوَاءِ يُسَمَّى طَاعُونًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عُمُومِ الْمَرَضِ بِهِ أَوْ كَثْرَةِ الْمَوْتِ وَالدَّلِيلُ عَلَى أَنَّ الطَّاعُونَ يُغَايِرُ الْوَبَاءَ مَا سَيَأْتِي فِي رَابِعِ أَحَادِيثِ الْبَابِ أَنَّ الطَّاعُونَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَقَدْ سَبَقَ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ وَفِيهِ قَوْلُ بِلَالٍ أَخْرَجُونَا إِلَى أَرْضِ الْوَبَاءِ وَمَا سَبَقَ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ فِي خِلَافَةِ عُمَرَ وَهُمْ يَمُوتُونَ مَوْتًا ذَرِيعًا وَمَا سَبَقَ فِي حَدِيثِ الْعُرَنِيِّينَ فِي الطَّهَارَةِ أَنَّهُمُ اسْتَوْخَمُوا الْمَدِينَةَ وَفِي لَفْظٍ أَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّهَا أَرْضٌ وَبِئَةٌ فَكُلُّ ذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَبَاءَ كَانَ مَوْجُودًا بِالْمَدِينَةِ وَقَدْ صَرَّحَ الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ بِأَنَّ الطَّاعُونَ لَا يَدْخُلُهَا فَدَلَّ عَلَى أَنَّ الْوَبَاءَ غَيْرُ الطَّاعُونِ وَأَنَّ مَنْ أَطْلَقَ عَلَى كُلِّ وَبَاءٍ طَاعُونًا فَبِطَرِيقِ الْمَجَازِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ الْوَبَاءُ هُوَ الْمَرَضُ الْعَامُّ يُقَالُ أَوْبَأَتِ الْأَرْضُ فَهِيَ مُوبِئَةٌ وَوَبِئَتْ بِالْفَتْحِ فَهِيَ وَبِئَةٌ وَبِالضَّمِّ فَهِيَ مَوْبُوءَةٌ وَالَّذِي يَفْتَرِقُ بِهِ الطَّاعُونُ مِنَ الْوَبَاءِ أَصْلُ الطَّاعُونِ الَّذِي لَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ الْأَطِبَّاءُ وَلَا أَكْثَرُ مَنْ تَكَلَّمَ فِي تَعْرِيفِ الطَّاعُونِ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ وَلَا يُخَالِفُ ذَلِكَ مَا قَالَ الْأَطِبَّاءُ مِنْ كَوْنِ الطَّاعُونِ يَنْشَأُ عَنْ هَيَجَانِ الدَّمِ أَوِ انْصِبَابِهِ لِأَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَحْدُثُ عَنِ الطَّعْنَةِ الْبَاطِنَةِ فَتَحْدُثُ مِنْهَا الْمَادَّةُ السُّمِّيَّةُ وَيَهِيجُ الدَّمُ بِسَبَبِهَا أَوْ يَنْصَبُّ وَإِنَّمَا لَمْ يَتَعَرَّضِ الْأَطِبَّاءُ لِكَوْنِهِ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُدْرَكُ بِالْعَقْلِ وَإِنَّمَا يُعْرَفُ مِنَ الشَّارِعِ فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مَا اقْتَضَتْهُ قَوَاعِدُهُمْ وَقَالَ الْكَلَابَاذِيُّ فِي مَعَانِي الْأَخْبَارِ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ الطَّاعُونُ عَلَى قِسْمَيْنِ قِسْمٌ يَحْصُلُ مِنْ غَلَبَةِ بَعْضِ الْأَخْلَاطِ مِنْ دَمٍ أَوْ صَفْرَاءَ مُحْتَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ سَبَبٍ يَكُونُ مِنَ الْجِنِّ وَقِسْمٌ يَكُونُ مِنْ وَخْزِ الْجِنِّ كَمَا تَقَعُ الْجِرَاحَاتُ مِنَ الْقُرُوحِ الَّتِي تَخْرُجُ فِي الْبَدَنِ مِنْ غَلَبَةِ بَعْضِ الْأَخْلَاطِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ طَعْنٌ وَتَقَعُ الْجِرَاحَاتُ أَيْضًا مِنْ طَعْنِ الْإِنْسِ انْتَهَى وَمِمَّا يُؤَيِّدُ أَنَّ الطَّاعُونَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ وُقُوعُهُ غَالِبًا فِي أَعْدَلِ الْفُصُولِ وَفِي أَصَحِّ الْبِلَادِ هَوَاءً وَأَطْيَبِهَا مَاءً وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ بِسَبَبِ فَسَادِ الْهَوَاءِ لَدَامَ فِي الْأَرْضِ لِأَنَّ الْهَوَاءَ يَفْسُدُ تَارَةً وَيَصِحُّ أُخْرَى وَهَذَا يَذْهَبُ أَحْيَانًا وَيَجِيءُ أَحْيَانًا عَلَى غَيْرِ قِيَاسٍ وَلَا تَجْرِبَةٍ فَرُبَّمَا جَاءَ سَنَةً عَلَى سَنَةٍ وَرُبَّمَا أَبْطَأَ سِنِينَ وَبِأَنَّهُ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَعَمَّ النَّاسَ وَالْحَيَوَانَ وَالْمَوْجُودُ بِالْمُشَاهَدَةِ أَنَّهُ يُصِيبُ الْكَثِيرَ وَلَا يُصِيبُ مَنْ هُمْ بِجَانِبِهِمْ مِمَّا هُوَ فِي مِثْلِ مِزَاجِهِمْ وَلَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَعَمَّ جَمِيعَ الْبَدَنِ وَهَذَا يَخْتَصُّ بِمَوْضِعٍ مِنَ الْجَسَدِ وَلَا يَتَجَاوَزُهُ وَلِأَنَّ فَسَادَ الْهَوَاءِ يَقْتَضِي تَغَيُّرَ الْأَخْلَاطِ وَكَثْرَةَ الْأَسْقَامِ وَهَذَا فِي الْغَالِبِ يَقْتُلُ بِلَا مَرَضٍ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ مِنْ طَعْنِ الْجِنِّ كَمَا ثَبَتَ فِي الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ مِنْهَا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى رَفَعَهُ فَنَاءُ أُمَّتِي بِالطَّعْنِ وَالطَّاعُونِ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا الطَّعْنُ قَدْ عَرَفْنَاهُ فَمَا الطَّاعُونُ قَالَ وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَفِي كُلٍّ شَهَادَةٌ أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ مِنْ رِوَايَةِ زِيَادِ بْنِ عِلَاقَةَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي مُوسَى
فتح الباري لابن حجر(10/ 190)
وَقَدِ اسْتَشْكَلَ عَدَمُ دُخُولِ الطَّاعُونِ الْمَدِينَةَ مَعَ كَوْنِ الطَّاعُونِ شَهَادَةً وَكَيْفَ قُرِنَ بِالدَّجَّالِ وَمُدِحَتِ الْمَدِينَةُ بِعَدَمِ دُخُولِهِمَا وَالْجَوَابُ أَنَّ كَوْنَ الطَّاعُونِ شَهَادَةً لَيْسَ الْمُرَادُ بِوَصْفِهِ بِذَلِكَ ذَاتَهُ وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ ذَلِكَ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ وَيَنْشَأُ عَنْهُ لِكَوْنِهِ سَبَبَهُ فَإِذَا اسْتُحْضِرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ طَعْنُ الْجِنِّ حَسُنَ مَدْحُ الْمَدِينَةِ بِعَدَمِ دُخُولِهِ إِيَّاهَا فَإِنَّ فِيهِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّ كُفَّارَ الْجِنِّ وَشَيَاطِينَهُمْ مَمْنُوعُونَ مِنْ دُخُولِ الْمَدِينَةِ وَمَنِ اتَّفَقَ دُخُولُهُ إِلَيْهَا لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ طَعْنِ أَحَدٍ مِنْهُمْ فَإِنْ قِيلَ طَعْنُ الْجِنِّ لَا يَخْتَصُّ بِكُفَّارِهِمْ بَلْ قَدْ يَقَعُ مِنْ مُؤْمِنِيهِمْ قُلْنَا دُخُولُ كُفَّارِ الْإنْسِ الْمَدِينَةَ مَمْنُوعٌ فَإِذَا لَمْ يَسْكُنِ الْمَدِينَةَ إِلَّا مَنْ يُظْهِرُ الْإِسْلَامَ جَرَتْ عَلَيْهِ أَحْكَامُ الْمُسْلِمِينَ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ خَالِصَ الْإِسْلَامِ فَحَصَلَ الْأَمْنُ مِنْ وُصُولِ الْجِنِّ إِلَى طَعْنِهِمْ بِذَلِكَ فَلِذَلِكَ لَمْ يَدْخُلْهَا الطَّاعُونُ أَصْلًا وَقَدْ أَجَابَ الْقُرْطُبِيُّ فِي الْمُفْهِمِ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ الْمَعْنَى لَا يَدْخُلُهَا مِنَ الطَّاعُونِ مِثْلُ الَّذِي وَقَعَ فِي غَيْرِهَا كَطَاعُونِ عَمَوَاسَ وَالْجَارِفِ وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ يَقْتَضِي تَسْلِيمَ أَنَّهُ دَخَلَهَا فِي الْجُمْلَة وَلَيْسَ كَذَلِك فقد جزم بن قُتَيْبَةَ فِي الْمَعَارِفِ وَتَبِعَهُ جَمْعٌ جَمٌّ مِنْ آخِرِهِمُ الشَّيْخُ مُحْيِي الدِّينِ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ بِأَنَّ الطَّاعُونَ لَمْ يَدْخُلِ الْمَدِينَةَ أَصْلًا وَلَا مَكَّةَ أَيْضًا لَكِنْ نَقَلَ جَمَاعَةٌ أَنَّهُ دَخَلَ مَكَّةَ فِي الطَّاعُونِ الْعَامِّ الَّذِي كَانَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ بِخِلَافِ الْمَدِينَةِ فَلَمْ يَذْكُرِ أَحَدٌ قَطُّ أَنَّهُ وَقَعَ بِهَا الطَّاعُونُ أصلا
فتح الباري لابن حجر(11/ 180)
(قَوْلُهُ بَابُ الدُّعَاءِ بِرَفْعِ الْوَبَاءِ وَالْوَجَعِ)
أَيْ بِرَفْعِ الْمَرَضِ عَمَّنْ نَزَلَ بِهِ سَوَاءٌ كَانَ عَامًّا أَوْ خَاصًّا وَقَدْ تَقَدَّمَ بَيَانُ الْوَبَاءِ وَتَفْسِيرُهُ فِي بَابِ مَا يُذْكَرُ فِي الطَّاعُونِ مِنْ كِتَابِ الطِّبِّ وَأَنَّهُ أَعَمُّ مِنَ الطَّاعُونِ وَأَنَّ حَقِيقَتَهُ مَرَضٌ عَامٌّ يَنْشَأُ عَنْ فَسَادِ الْهَوَاءِ وَقَدْ يُسَمَّى طَاعُونًا بِطَرِيقِ الْمَجَازِ وَأَوْضَحْتُ هُنَاكَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ زَعَمَ أَنَّ الطَّاعُونَ وَالْوَبَاءَ مُتَرَادِفَانِ بِمَا ثَبَتَ هُنَاكَ أَنَّ الطَّاعُونَ لَا يَدْخُلُ الْمَدِينَةَ وَأَنَّ الْوَبَاءَ وَقَعَ بِالْمَدِينَةِ كَمَا فِي قِصَّةِ الْعُرَنِيِّينَ وَكَمَا فِي حَدِيثِ أَبِي الْأَسْوَدِ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَ عُمَرَ فَوَقَعَ بِالْمَدِينَةِ بِالنَّاسِ مَوْتٌ ذَرِيعٌ وَغَيْرُ ذَلِكَ
عمدة القاري شرح صحيح البخاري(14/ 128)
قوله: (الطاعون) ، هو المرض العام والوباء الذي يفسد له الهواء فتفسد به الأمزجة والأبدان، وقيل: الطاعون هو الذي أصابه الطعن، وهو الوجع الغالب الذي ينطفي به الروح، كالذبحة ونحوها،
عمدة القاري شرح صحيح البخاري(16/ 58)
قوله: (في الطاعون) أي: في حال الطاعون وشأنه وهو على وزن: فاعول، من الطعن غير أنه عدل عن أصله ووضع دالا على الموت العام المسمى بالوباء وقال الخليل: الوباء هو الطاعون، وقيل: هو كل مرض عام يقع بكثير من الناس نوعا واحدا، بخلاف سائر الأوقات، فإن أمراضهم فيها مختلفة. فقالوا: كل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونا، وقيل: الطاعون هو الموت الكثير. وقيل: بثر وورم مؤلم جدا يخرج مع لهيب ويسود ما حوله أو يخضر ويحصل معه خفقان القلب والقيء ويخرج في المراق والآباط. قوله: (رجز) ، أي: عذاب كائن على من كان قبلنا، وهو رحمة لهذه الأمة كما صرح به في حديث آخر
عمدة القاري شرح صحيح البخاري(21/ 256)
– (باب ما يذكر في الطاعون)
أي: هذا باب في بيان ما يذكر في أمر الطاعون وهو على وزن فاعول من الطعن وضعوه على هذا الوزن ليدل على الموت العام. وقال ابن الأثير: الطاعون المرض العام الذي يفسد له الهواء وتفسد به الأمزجة والأبدان. وقال الجوهري: الطاعون الموت العام. وقال الكرماني: الطاعون بثر مؤلم جدا يخرج غالبا في الآباط مع لهيب واسوداد حواليه وخفقان القلب والقيء. قلت: هذا من كلام النووي، فنقله عنه، يقال: طعن الرجل فهو مطعون وطعين إذا أصابه الطاعون. وقال ابن العربي: الطاعون الوجع الغالب الذي يطعن الروح كالذبحة، سمي بذلك لعموم مصابه وسرعة قتله، وقال الباجي: وهو مرض يعم الكثير من الناس في جهة من الجهات بخلاف المعتاد من أمراض الناس، ويكون مرضهم واحدا بخلاف بقية الأوقات فتكون الأمراض مختلفة. وقال الداودي: الطاعون حبة تخرج في الأرفاغ وفي كل طي من الجسد، والصحيح أنه الوباء، وقال عياض: أصل الطاعون القروح الخارجة في الجسد، والوباء عموم الأمراض فسميت طاعونا لشبهها بها في الهلاك، وإلا فكل طاعون وباء وليس كل وباء طاعونا، قال: ويدل على ذلك أن وباء الشام الذي وقع في عمواس إنما كان طاعونا.
وما ورد في الحديث: أن الطاعون وخز الجن. قلت: طاعون عمواس كان في سنة ثمان عشرة، وعمواس قرية بين الرملة وبيت المقدس، وطاعون عمواس هو أول طاعون وقع في الإسلام ومات في الشام في هذا الطاعون ثلاثون ألفا. وأما الحديث المذكور فرواه أحمد في (مسنده) من حديث أبي موسى رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فناء أمتي بالطعن والطاعون. قالوا: يا رسول الله! هذا الطعن قد عرفناه، فما الطاعون؟ قال: وخز إخوانكم من الجن، وفي كل شهادة. ورواه ابن أبي الدنيا في (كتاب الطواعين) وقال فيه: وخز أعدائكم من الجن، ولا تنافي بين اللفظين لأن الأخوة في الدين لا تنافي العداوة لأن عداوة الإنس والجن بالطبع، وإن كانوا مؤمنين فالعداوة موجودة. وقال ابن الأثير: الوخز طعن ليس بنافذ، وقال بعضهم: لم أر لفظ: إخوانكم، بعد التتبع الطويل البالغ في شيء من طرق الحديث. قلت: هذه اللفظة ذكرها هنا ابن الأثير وذكرها أيضا ناقلا من (مسند أحمد) قاضي القضاة بدر الدين محمد بن عبد الله أبي البقاء الشبلي الحنفي، وكفى بهما الاعتماد على صحتها، وعدم اطلاع هذا القائل لا يدل على العدم. وقال ابن عبد البر: الطاعون غدة تخرج في المراق والآباط، وقد تخرج في الأيدي والأصابع وحيث شاء الله تعالى، وقيل: الطاعون انصباب الدم إلى عضو، وقيل: هيجان الدم وانتفاخه، وقال المتولي: وهو قريب من الجذام من أصابه تآكلت أعضاؤه وتساقط لحمه. وقال الغزالي: هو انتفاخ جميع البدن من الدم مع الحمى، أو انصباب الدم إلى بعض الأطراف، فينتفخ ويحمر وقد يذهب ذلك العضو. وقال ابن سينا: الطاعون مادة سمية تحدث ورما قتالا لا يحدث إلا في المواضع الرخوة والمغاير من البدن، وأغلب ما يكون تحت الإبط أو خلف الأذن أو عند الأرنبة، قال: وسببه دم رديء مائل إلى العفونة والفساد يستحيل إلى جوهر سمي يفسد العضو ويغير ما يليه ويؤدي إلى القلب كيفية ردية فيحدث القيء والغثيان والغشي والخفقان، وهو لرداءته لا يقبل من الأعضاء إلا ما كان أضعف بالطبع، وأردؤه ما يقع في الأعضاء الرئيسة، والأسود منه قل من يسلم منه، وأسلمه الأحمر ثم الأصفر، فإن قلت إن الشارع أخبر بأن الطاعون من وخزالجن فبينه وبين ما ذكر من الأقوال في تفسير الطاعون منافاة ظاهرا أقلت: الحق ما قاله الشارع، والأطباء تكلموا في ذلك على ما افتضته قواعدهم، وطعن الجن أمر لا يدرك بالعقل فلم يذكروه على أنه يحتمل أن تحدث هذه الأشياء فيمن يطعن عند وخز الجن، ومما يؤيد أن الطاعون من وخز الجن وقوعه غالبا في أعدل الفصول وفي أصح البلاد هواء وأطيبها ماء، ولو كان من فساد الهواء لعم الناس الذين يقع فيهم الطاعون ولطعنت الحيوانات أيضا
عمدة القاري شرح صحيح البخاري(23/ 7)
44 – (باب الدعاء برفع الوباء والوجع)
أي: هذا باب في بيان الدعاء برفع الوباء والوجع والوباء بالمد والقصر فجمع المقصور أوباء وجمع الممدود أوبية وهو المرض العام، وقيل: الموت الذريع وأنه أعم من الطاعون لأن حقيقته مرض عام ينشأ عن فساد الهواء، ومنهم من قال: الوباء والطاعون مترادفان، ورد عليه بعضهم بأن الطاعون لا يدخل المدينة وأن الوباء وقع بالمدينة كما في حديث العرنيين.
قلت: فيه نظرلأن ابن الأثير قال: إنه المرض العام، وكذلك الوباء هو المرض العام. وقوله: الطاعون لا يدخل المدينة، يحتمل أن يقال إنه لا يدخل بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم. قوله: (والوجع) أي: الدعاء أيضا برفع الوجع، وهو يطلق على كل الأمراض فيكون هذا العطف من باب عطف العام على الخاص، لكن باعتبار أن منشأ الوباء خاص وهو فساد الهواء بخلاف الوجع فإن له أسبابا شتى وباعتبار أن الوباء يطلق على المرض العام يكون من باب عطف العام على العام
شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري(3/ 337)
(لا يدخلها الطاعون) الموت الذريع الفاشي أي لا يكون بها مثل الذي يكون بغيرها كالذي وقع في طاعون عمواس والجارف، وقد أظهر الله تعالى صدق رسوله فلم ينقل قط أنه دخلها الطاعون وذلك ببركة دعائه -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- اللهم صححها لنا
شرح القسطلاني = إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري(5/ 432)
(ماذا سمعت من رسول الله -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في) شأن (الطاعون)؟ وهو كما قال الجوهري على وزن فاعول من الطعن عدلوا به عن أصله ووضعوه دالاً على الموت العام كالوباء
فيض الباري على صحيح البخاري(3/ 316)
ولا الطاعون إن شاء الله تعالى»، فكلمة الاستثناء تتعلق بالطاعون فقط، لا بالدجال، فإنَّ الشقي الدجال لم يدخلها، ولن يدخلَ حتى يلجَ الجملُ في سَمِّ الخِيَاط، فإن اطلعتَ في لفظ على كلمة الاستثناء مع عدم دخول الدَّجال أيضًا، فاعددْه من تقديم الرواة، وتأخيرهم، وهي بالحقيقة بالطاعون
فيض الباري على صحيح البخاري(6/ 57)
ثم إنك قد علمت أن عدم دخول الدجال في المدينة متيقنٌ، أما الطاعون فلم يدخل بعدُ فيها، وهو المرجو فيما يأتي. وقيد إن شاء الله تعالى، يرجع إلى الطاعون دون دخول الدجال، وفي حديث – أظن أنَّ إسناده ضعيف – أن الجنَّ ينتشرون في أيام الطاعون، ويطعنون في مغابن الناس، ولذا يرى الناس رؤيا تخوفهم وتحزنهم
فتح الباري لابن حجر(10/ 191)
وَإِنَّهُ اخْتُلِفَ فِي هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فَقِيلَ هُوَ لِلتَّبَرُّكِ فَيَشْمَلُهُمَا وَقِيلَ هُوَ لِلتَّعْلِيقِ وَأَنَّهُ يَخْتَصُّ بِالطَّاعُونِ وَأَنَّ مُقْتَضَاهُ جَوَازُ دُخُولِ الطَّاعُونِ الْمَدِينَةَ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ طُرُقِ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الْمدينةُ وَمَكَّةُ مَحْفُوفَتَانِ بِالْمَلَائِكَةِ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهُمَا مَلَكٌ لَا يَدْخُلُهُمَا الدَّجَّالُ وَلَا الطَّاعُونُ أَخْرَجَهُ عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ فِي كِتَابِ مَكَّةَ عَنْ شُرَيْحٍ عَنْ فُلَيْحٍ عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا وَرِجَالُهُ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَعَلَى هَذَا فَالَّذِي نُقِلَ أَنَّهُ وُجِدَ فِي سَنَةِ تِسْعٍ وَأَرْبَعِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ مِنْهُ لَيْسَ كَمَا ظَنَّ مَنْ نَقَلَ ذَلِكَ أَوْ يُجَابُ إِنْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِجَوَابِ الْقُرْطُبِيِّ
Ref :By Jamiatul Ulama KZN
Related